البحث

التزامنا بحماية الخصوصية (GDPR)

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة على موقعنا. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا، فإنك تقبل استخدامنا لملفات تعريف الارتباط، سياسة الخصوصية و شروط الخدمة.

ما بعد الرسائل: هل يخرج سلاح حزب الله من دائرة الجمود؟

عندما تنطلق الرسائل السياسية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن ذلك يعني أن الزمن قد حان لنزاهة الكلام وتحديد المواقف بوضوح. هذا بالضبط ما فعله المبعوث الرئاسي الأمريكي توم براك عندما كتب تغريدته الشهيرة: "طالما هناك حزب الله بسلاحه، فالتصريحات لن تكون كافية". هذه العبارة البسيطة تحمل في طياتها رسالة قوية، كانت كالرد الصارم على تصريحات الرئيس جوزيف عون حول المفاوضات التي يجريها مع حزب الله بنفسه لحل قضية السلاح.

كانت التغريدة ليست مجرد تصريح عابر، بل تماشت زمنياً وفلسفياً مع التصريح اللبناني الذي يحاول تهدئة التوتر المتصاعد واحتواء الضغوطات. إلا أن الرسالة الأمريكية وضوحها الشديد كانت تحدياً صارماً بأن الولايات المتحدة قد بدأت برفع سقف التوقعات وتركز على الجوهر بدلاً من التفاصيل.

من وجهة نظر واشنطن، لا يمكن قبول استمرار وجود سلاحين في دولة تدعي تقوم على مبادئ السيادة والقانون. لذلك كانت كلمات براك تسليطاً على مصداقية الحكومة اللبنانية في وقت حرج، يرفع فيه رئيس الدولة مبادرة حساسة، ويفتح الباب لحوار مباشر مع حزب الله حول قضية سلاحه. في هذه اللحظة، التوقيت ليس أقل أهمية من المحتوى، والرسالة لم تترك مجالاً للتفسير.

في المقابل، يظهر الرئيس عون ملتزماً بمنح الجهود التفاوضية فرصة حقيقية. يدرك حجم التحديات ويعلم أن هذه القضية ليست فقط تقنية وإنما سياسية بامتياز، متشعبة بالتوازنات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، أطلق موقفاً واضحاً يشير إلى تجاوب حزب الله مع الافكار المطروحة، وأن الورقة اللبنانية ما زالت تنتظر رداً نهائياً.

الملفت أكثر هو إشارة الرئيس عون إلى نتائج تحركات براك، وكأنه يرى فيها فرصة للإقناع بضرورة التعاون مع المطالب الوطنية تدريجياً. يبدو أن حزب الله يراقب بعناية كل ما يقال ويكتب، يدرك الورطة السياسية التي يواجهها، ويعلم كيف تتراكم الشكوك حول قدرة الدولة على التدخل. ويعرف أيضاً أن البيئة الدولية لم تعد ساحة للتساهل، وأن مجرد رفع شعار "المقاومة" لم يعد كافياً لإقناع المنتظر من الدولة اللبنانية إجراء خطوة فعلية.

وسط هذا المشهد المعقّد، تظهر الأيام القادمة بحملها أسئلة كبيرة: هل يجازف حزب الله بخطوة توافق حركة الرئيس وتخفف من تصاعد الضغوط الأمريكية؟ هل تختار واشنطن منح الرئيس عون فرصة إضافية، أم ستتجه رسائلها نحو مواقف أكثر ضغطاً؟ هل يمكن للبنان، بتعقيداته الداخلية، حسم هذا الملف دون انفجار سياسي أو أمني؟ يواجه البلد حالياً مفترق طرق نادر، يختبر فيه صدقية الالتزام وحماية الاستقرار بدلاً من تجميده.

لكن، إذا فشلت التسوية، هل سيبقى السلاح مسألة داخلية فقط، أم سيعود ليدخل المفاوضات الكبرى عندما تقرر العواصم الرئيسية أن حان الوقت للاستنفار؟ الشيء المؤكد هو أن الرئيس جوزيف عون اختار التصرف بفعالية، وربما ارتبط تحركه بتحرك براك لبناء توازن يمنع الانفجار ويحافظ على الأمل. وإذا لم تسارع جميع الأطراف للتعاون، فلن ينتظر الزمن أحداً.

المقال السابق
تشهير وتغريم مواطن ومقيم ارتكبا «التستر» في بيع أجهزة ومعدات المطاعم
المقال التالي
بقرار اللجنة المنظمة.. تأجيل دورة الألعاب السعودية الرابعة