في عالم الإعلام السعودي، تظل بعض الشخصيات البارزة عالقة في الذاكرة، ليس فقط بسبب نجاحهم المهني وإنما بفضل أخلاقهم الرفيعة وحكمتهم في التعبير. يُعتبر الدكتور عبدالعزيز النهاري واحدًا من هؤلاء الشخصيات التي تمتاز بتوازن نادر بين فهمها الواسع وقلبها النقي.
إنه لم يكن مجرد صحفي أو أكاديمي، بل كان تجميعًا فريدًا من الثقافة الروحانية، والكفاءة المهنية، والإنسانية الرقيقة التي أظهرت الحياة كبراعم الروح. تقدم النهاري في حياته المهنية بحكمة ووئام، حتى وصل ليصبح رئيس تحرير جريدة "البلاد"، ومن ثم رئيس تحرير "عكاظ"، حيث كانت كتاباته تتميز بالتوازن والاقناع بدلاً من الإثارة الزائفة.
إن جمال تجربة النهاري كان في تواجده الذي امتد من جريدة إلى قاعات الأكاديميا، إذ كان أستاذًا جامعيًا في علوم المكتبات والمعلومات، مُحاضرًا في جامعات مشهورة بالولايات المتحدة الأمريكية. وعاد ليعلّم بدون تكبر، بل بتواضع يُلهم الآخرين، ويُؤمن بأهمية بذل الجهد المتواصل والتأثير العميق.
في فترة مرضه الأخيرة، بقي النهاري متواجدًا وفعّالًا، حيث استمر في كتابة ومشاركة أفكاره الحكيمة حتى رحيله، دون ضجيج أو اهتمام بالظواهر السطحية. عبدالعزيز النهاري لم يمت حين غيابه، بل استمرت ذكراه كشاهد على وقاره ونبله.
باختصار، الدكتور عبدالعزيز النهاري لم يكن فقط صحفيًا بل كان تجسيدًا للوعي والمعرفة، لا يُنسى حتى في غيابه.