آلة ذكية في شوارع حائل.. لخدمة الحيوانات الضالة
"بناء مدن حضرية تحترم الحيوانات: مبادرة نوعية في أمانة حائل"
قد تكون المدن التي تولي اهتمامًا واعتناءًا بالحيوانات هي التي تمتلئ بالتحضر والأخلاق العالية. فعندما تتسع دائرة الرعاية لتشمل الكائنات الضعيفة الساكنة في الأظلال، يظهر الجانب الحقيقي للتحضر. في تلك المدن، لا يقاس الكرامة بارتفاع المباني وروعتها، بل بقدر الرحمة التي تراود الشوارع وتتجلى في الأفعال اليومية، كما تطحن آلة هادئة في ركن منتزه تقدم طعامًا ومياهًا لحيوانٍ ضالٍ، وتفتح طرقًا لتوازن الإنسان مع بيئته المحيطة.
قد أطلقت أمانة منطقة حائل مبادرة مبتكرة تحمل عنوانًا صامتًا: "آلة إعادة التدوير الذكية لإطعام الحيوانات الضالة". فتلك الفكرة البسيطة في شكلها تحمل عمقًا في تأثيرها. تعمل الآلة على تلقي العبوات البلاستيكية وبقايا الطعام، ثم تحويلها إلى وجبات ومياه للحيوانات الباحثة عن مأوى، في حركة واحدة تجمع بين حماية البيئة وتعزيز التواصل مع الحيوانات.
تراهن هذه الآلة في مواقع مختارة داخل المدينة، مثل منتزه الأمير عبدالعزيز بن سعد، ومنتزه الأمير سعود بن عبدالمحسن، ومنتزه الفجر. يرتبط كل موقع برمز QR لتسهيل الوصول إليه، وتحفيز سكان المدينة على المشاركة في الفكرة عمليًا، دون حاجة لشعارات.
تستنتج الأجيال من هذه الخطوة أن العطاء ليس بحاجة لتصريح، بل ينبغي أن يكون مستمرًّا بغض النظر عن الضوضاء. وتشيّد كرامة المدن وتبنى حين توفر الحياة فرصة لجميع الكائنات، حتى للجسد الراكد أو الفم العطشان.
ظهرت تجارب مماثلة في مدن مثل إسطنبول وشنغهاي، ولكن حائل أبانت عن توقيعها الخاص بلغة محلية وروح مجتمعها ودعم مباشر من مؤسساتها المحلية.
في هذه المبادرة، لا تنتهي المهمة عند الآلة، بل تبدأ منها. فهي لا تقتصر على إطعام الحيوانات، بل تفتح أبوابًا للتفكير، وتطرح تساؤلات حول كيفية استخدام المخلفات كوسيلة لتعزيز الرحمة، وكيف يمكن للمدينة أن تكتب تاريخها من خلال إيمان ينابع من احترامها لحياة جميع الكائنات الحية.
