في عالم الموضة، هناك فشل ونجاح. تتساقط الستائر على عرض الأزياء، يغادر المصممون المسرح، وينتشر الحديث بين الحضور. لكن... ماذا لو لم يكن هناك مفاجأة سارة في نهاية العرض؟
ماذا لو كان الانهيار على المنصة بداية انحدار في مسار الحياة؟
قصة ليلى الحمد، المصممة الشابة السعودية التي تركت المنصة بعد تلقي انتقادات حادة على تصميم مجموعتها الأخيرة، ليست حكاية عن أزياء أو صيحات جديدة... بل عن رغبة ملحة في التفوق، والألم الذي لا يمكن التخلص منه، وضغوط قاسية.
ولدت ليلى ونشأت في بيئة تربية فنية لا تسمح بالقبول بالمتوسط.
كانت تحتضن القماش منذ صغرها، تتوهج عيناها عندما ترى تصاميمها تأخذ شكلًا وحياة.
لم تكن ترى في عالم الموضة مجرد هواية أو وسيلة للابتهاج، بل كانت هدفًا وسبيلًا للتعبير عن ذاتها.
تذكر صديقتها المُقرّبة المصممة ياسمين الجناح:
«لو ترى ليلى وهي تعمل على تصميم، ترى الشغف في عينيها... إنها تعيش في عالم من نسج خيالها».
ولكن في يونيو 2023، تحطمت آمالها.
تلقت ليلى انتقادات لاذعة على مجموعتها الجديدة من قبل النقاد، وكان ذلك كفيلًا بتحويل الإنتصارات المرتقبة إلى هزائم مريرة.
بدأت تشكل هذه الانتقادات عبئًا ثقيلًا على كاهلها، وأدخلتها في حالة نفسية مظلمة.
في البداية، اعتقدت ليلى أنها قادرة على التغلب على الموقف كبقية المصممين الذين ينافسون ويتعلمون.
لكن ليلى لم تكن كالبقية... كانت تبذل جهدًا إضافيًا لتحقيق الكمال.
«كانت تعرف الحب الذي توليه لعملها بأناقة، كانت رائعة في صنع الجمال، ولكنها لم تتحمل الانتقادات كما كان ينبغي»..
هكذا تصرّح صديقتها، بصوت محطم.
وفي حين كانت الأنظار تتوق إلى المصممين الآخرين وتتبادل البهجة والمجاملات، كانت ليلى تعاني في صمت من الشك والهزائم.
تزايدت ضغوط العمل، واتجهت نحو أزمة نفسية وإرهاق تراكم على مدى أشهر، وقادتها للانهيار النفسي لتتقدم باستقالتها تاركة خلفها المجد والروعة.
ليلى لم تكن الوحيدة.
إنها فقط التي رحلت... لكن الكثيرون يكافحون بصمت، يختبئون خلف قناع الابتسامة ويحملون وطأة الفشل في صمت وحدهم.
القصة هنا لا تتعلق بالموضة ولا بالفن وحده، بل بضغوطات اجتماعية متوارثة؛
حسد، انتقاد لاذع، ضغوط عقلية، وعراقيل تحاك ضد أصحاب الطموح... كل ذلك يُترك دون مراعاة لتبعاتها النفسية.
«امنحوا الآخرين تشجيعًا، واحتفلوا بنجاحاتهم... لكن لا تحيلوا أمانيهم إلى طموحات ساخرة، احترموا تعبهم ومساهمتهم»،
هكذا يختم هذا الحديث الصمتي الذي يردده العديد.
إن مجال الموضة عند البعض مجرد عرض... ولكنه عند آخرين، حياة.
هزيمة تلاحق النجاح، انهيار تحيط به الانتقادات، أو حتى أخر ما تبقى من أمل.
ليلى الحمد لم تطلب الكثير، فقط أن تستمر في ابتكارها...
لكن حين تعثرت، تعثرت هي معها.
وغادرت المسرح بعد دقيقة تقريرية.
لا بسبب فن... بل بسبب ألم لم يستسع أحد تخيله.