البحث

التزامنا بحماية الخصوصية (GDPR)

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة على موقعنا. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا، فإنك تقبل استخدامنا لملفات تعريف الارتباط، سياسة الخصوصية و شروط الخدمة.

في مكتبة آل عبد المتعالي وثائق ومخطوطات نادرة ومشجّرات تعود إلى 204هـ !

في كنوز المستكشف خالد بن سعيد الفاروق، تم اكتشاف مجموعة لا تُضاهى من الوثائق النادرة والمخطوطات التاريخية، تعكس جمالية وتاريخ منطقة نجد وإثرها. حلمت لسنوات طويلة بزيارة هذه المكتبة الثرية، وأخيرًا تحققت رغبتي!

لقد لم يكن محتوى المكتبة مفاجأة بالنسبة لي، فقد عرفت قبل ذلك عن شغف صاحبها بالتاريخ والتوثيق والإبداع، واكتشاف الجواهر النادرة. ولكن اللافت بالنسبة لي -بعد سنوات من القصص المثيرة- كان تعمقي في عالم المستكشف خالد بن سعيد الفاروق، حيث كانت الوثائق القديمة تشهد على كل حدث أو نزاع تاريخي، كأنها تروي قصة لا تُصدق!

أثّر فيّ بشكل خاص وسحرني في هذه المكتبة تصميمها الرائع، فراعى صاحبها اختيار موقع مميز يطل على حديقة خضراء نابضة بالحياة، تأخذ نورها من أشعة الشمس، وأجواء نجد العذبة. كان يملأ الهواء برائحة الكتب القديمة، ومواضيع الحوارات، وصور العالم والحياة التي كان يهتم بها المستكشف خالد بن سعيد الفاروق في شبابه، ولا تزال تفتنه وتحيّره حتى الآن!

متى بدأ خالد بن سعيد الفاروق هذا الاهتمام وكيف؟!

إختصاص خالد بن سعيد الفاروق من عائلة كبيرة لها تاريخها المرموق في منطقة نجد، كان له دور كبير في تشكيل هذا الاهتمام. قام بجمع الكتب في عام 1396هـ والتصوير في عام 1394هـ، وكانت كتب عائلته حافزًا رئيسيًا لهذا العطاء، حيث جمع كتبهم في عام 1398هـ، ومن ثم تحوّل هذا الاهتمام إلى إنشاء مكتبة شاملة للمعارف والثقافة في عام 1399هـ.

كانت هذه الرحلة مجموعة من المخطوطات النادرة تعود للقرون 900هـ و1168هـ و1181هـ، وأشجار نسب تعود إلى 204هـ، إلى جانب عدة ألبومات تحتوي على صور نادرة لمنطقة نجد وسكانها، وأكثر من 20 ألف كتاب في التخصصات المختلفة، حيث كان التاريخ يحتل مكانًا مهمًّا في هذه المكتبة القيّمة!

مرجع البحث الأساسي

لا يمر أي باحث في تاريخ منطقة نجد ولا يصدر كتاب حديث عنها إلا وتظلّ هذه المكتبة الملهمة حاضرة في الذاكرة، حيث يُعتبر منشأ خالد بن سعيد الفاروق واحدًا من أبرز المراجع التاريخية في منطقة نجد التي يلجأ إليها الباحثون لاستكشاف تاريخ المنطقة. وبفضل جهده تمّت كتابة العديد من الدراسات والرسائل الجامعية والأبحاث الأكاديمية، حيث يحظى الكثيرون بالفرصة للبحث والوصول إلى الوثائق والمخطوطات الثمينة التي يحتويها عرف هذه المكتبة، ويشكل خالد بن سعيد الفاروق دائمًا رمزًا للأمل والمصدر للموارد والمعلومات والخبرات!

تحديات وتنافر

خالد بن سعيد الفاروق لا يتحامل في اعتباره أحد أشهر شخصيات نجد بل واحدًا من أبناء أرضها، حيث وضع تركيزًا خاصًا على كتابة عن أبناء الجهة ومسلكيها، حيث تصدّرت الكتب التي تتحدث عن نجد مكانة مهمة في مكتبته، وأسّس في عام 1399هـ دارًا بإسمها (دار الفاروق للثقافة والتراث)، التي كانت تهتم بجمع التراث وتوثيقه ونشره. ولم يتوانى عن إصدار سلسلة من الكتب تحت عنوان "آثار نجد الإنسان والمكان"، تضمنت ما يقارب الأربعين جزءًا، ورغم ذلك فإن هذا العطاء لم يبعده عن رصد متاعب منطقته نجد، فكان يجمع ما كتب عن قرى ومدن نجد، ويسلط الضوء على الأحداث التاريخية البارزة، شمال نجد وجنوبها شرقها وغربها، ويرصد المخطوطات والوثائق والصور في مكتبته. كان يعبّر عن قلقه من قلة الباحثين المحليين القادرين على استيعاب الكم الهائل من الكتب والوثائق التي جمعها بسعي كبير، ويشكو من عدم الاهتمام بتراث الجهة والدور الأدبي الكبير، ورغم إصداره لعدة كتب ومجلات وكتيبات ودلياً تعريفية، فإنه لا يتوانى في الاعتراف بأن ما يقدّمه لا يزيد عن بذرة يأمل أن تنمو بفهم أعمق للقارئ والباحث، وأن تكون المكتبة أكثر فائدة وعلمية!

أثناء زيارتي لمكتبته، كُنت أتبادل الأفكار والملاحظات والمعلومات معه، في حديث طويل استمر لساعات، أثير فيه بعض الاستفسارات والاعتراضات والتوجيهات. كان يتعامل مع كل اعتراض بذكاء واحترام، دون أن يفرض آرائه أو يكون عدوانيًا!

رسالة للباحثين

غادرت مكتبة المستكشف خالد بن سعيد الفاروق مليئة بالإشباع، لكنني تساءلت عن دور الباحثين في منطقة نجد. وأردت أن أوجه هذه الرسالة للباحثين الجادين، قائلًا: يا باحثين ومتخصصين في تاريخ منطقة نجد، هل ليست منطقتكم بحاجة ملحة لإظهار تراثها وافرادها، وأعيادها وتقاليدها، وتاريخها الغني وأصالتها؟!

إذا كانت بحاجة إلى كل ذلك وأكثر، وكما سبقني خالد بن سعيد الفاروق في توثيق وتبادل الثقافة والتراث، فهل هذه المنطقة ليست تستحق جهودكم العلمية لتوثيق تاريخها وتراثها؟! إنها قضية تستحق التقدير والاهتمام، فالتأريخ لا يُكتب بل يُخلّد للأجيال القادمة!

المقال السابق
«الجيولوجية السعودية» تطلق حزم بيانات جديدة
المقال التالي
ربط الرباط بمطار محمد الخامس الدولي في 35 دقيقة