بفعل قرار ملفت للنظر والمصاحب للجدل، والذي يهدف إلى رفع معدل الإنتاجية الاقتصادية في تضوير العديد من التحديات التي تواجهها الدولة، أعلن مجلس الوزراء في جمهورية بوركينا فاسو عن موافقته على مشروع قانون يهدف إلى تقليص عدد أيام العطلات الرسمية (الأيام العامة المدفوعة الأجر) من 15 إلى 11 يوماً فقط.
تكلفة العطلات الحالية
يأتي هذا الإجراء، الذي يتم برعاية الرئيس المؤقت، الكابتن إبراهيم تراوري، ضمن إستراتيجية الحكومة الهادفة إلى تخفيف العبء المالي على خزينة الدولة، حيث تم حساب أن تكلفة العطلات الحالية تصل إلى حوالي 67.5 مليار فرنك إفريقي سنوياً، مما يمكن أن يؤدي إلى توفير مبلغ يصل إلى حوالي 16.88 مليار فرنك عن طريق هذا التعديل.
وبحسب تقرير صادر عن مجلس الوزراء، برئاسة الرئيس تراوري، أظهرت دراسة اقتصادية قامت بها وزارة الاقتصاد والمالية أن كل يوم عطلة رسمية يكلف الدولة ما يقارب 4.22 مليار فرنك إفريقي نتيجة للخسائر في الإنتاجية في القطاعين العام والخاص.
يأتي هذا القرار في إطار جهود الحكومة، التي تعمل حالياً بصفة انتقالية، لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، خاصةً مع استمرار التوترات الأمنية التي نشأت نتيجة للهجمات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد منذ عام 2015، مما أدى إلى نزوح ملايين السكان وتأثير سلبي على الإنتاج الزراعي والتجاري.
**media[2584306]**
ضغوط مالية عظيمة
يواجه بوركينا فاسو، الدولة الواقعة في غرب أفريقيا التي تم تغيير اسمها من "فولتا العليا" إلى "بوركينا فاسو" عام 1984 تحت قيادة الثائر توماس سانكارا، ضغوطًا مالية كبيرة، حيث وصلت الميزانية العامة لعام 2025 إلى حوالي 3.5 تريليون فرنك إفريقي، مع تخصيص حصة كبيرة للدفاع والأمن.
شهدت بوركينا فاسو تاريخاً مليئًا بالاضطرابات السياسية والاقتصادية، ومنذ الانقلاب الذي وقع في عام 2022 وأطاح بالرئيس السابق بول هنري داميبا، يقوم الكابتن إبراهيم تراوري بقيادة حكومة انتقالية تهدف إلى "التحول الوطني"، وتتركز جهودها على تحقيق السيادة الغذائية والامن. ومع ذلك، تسبب الصراع المسلح في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10% خلال السنوات الأخيرة، وفقًا لتقارير البنك الدولي، مما دفع الحكومة لاتخاذ إجراءات تقشفية.
جدل على وسائل التواصل
يحدد القانون الحالي، الذي صدر عام 2015، 15 يومًا عطلة رسمية، تشمل الأعياد الدينية مثل عيد الفطر وعيد الأضحى والمولد النبوي، بالإضافة إلى الأعياد الوطنية مثل يوم الاستقلال (5 أغسطس)، يوم الثورة (3 يناير)، ويوم المرأة العالمي (8 مارس)، كما يتضمن اليوم التالي لأي عيد يوافق يوم الأحد.
على الرغم من ترحيب الاقتصاديين والمؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي بالإصلاحات التي تسعى إلى رفع الإنتاجية في الدول النامية، إلا أن قرار الحكومة أثار جدلاً على وسائل التواصل الاجتماعي ومنظمات العمال. حيث يرون بعض النشطاء أن هذا القرار قد يمثل "شكلاً للذاكرة الوطنية"، محذرون من توازن الحياة العملية والاجتماعية، وخاصة في بلد يعاني من الفقر الشديد الذي يحصل فيه العامل المتوسط على أقل من 100 ألف فرنك شهريًا.