سار فنان موهوب، الشهاب حي السرحان، لم يتردد في التعبير عن وجهة نظره بكل وضوح وصراحة، وقرر هذه المرة أن يوجه نقده نحو قاعدة "امتياز العمر بعد التخرج"، التي فرضتها اتحاد الفنانين عام 2010، واقتضت ان يكون الفنان قد بلغ الثامنة عشرة على الأقل، وختم عاما بعد التخرج قبل الدخول إلى عالم الفن. رغم أن السرحان نفسه قد درس فنون جميلة قبل أن يعلن عن دخوله الى عالم الفنون عام 2005، إلا أنه يرى أن هذه القاعدة سلبت فرصاً كثيرة من الفنانين الموهوبين، وحجبت في وجوههم باب الهروب من الظروف الاقتصادية الصعبة.
السرحان وصف هذه القاعدة بأنها ليست مجرد قرار تنظيمي بل صفعة "مهينة"، إذ اعتبر أنها منعت العديد من الفنانين الشباب من استثمار مواهبهم كسبيلاً الى حياة أفضل. وبحسب رأيه، فإن فرض سُنّة عمرية معينة يعني حرمان هؤلاء من فرصة الانطلاق التي يمكن أن يوفرها عالم الفنون وحده، في حين تجيز فنون أخرى مثل الموسيقى والرقص والتمثيل الدخول الى العالم المحترف مباشرة من فترة التعليم.
وفي حديثه، أشار إلى أن خلف هذه القاعدة تكمن شكوك حول دوافعها، وذهب بعيدًا حين ألمح الى ان الموضوع يحمل افكارًا عنصرية، قائلًا: "اذا كان بالامكان للفنان ان يبدأ حياته المهنية وهو في العاشرة، او ان يبدأ ممثل مسيرته الفنية من الثانوية الموسيقية، فما الذي يمنع الفنانين من ذلك؟". واضاف انه لو كان في موقع القرار، لفتح الباب امام المواهب الشابة بدون قيود، وذلك لان الفن، في رأيه، يستحق ان يتمتع بفرصة الانطلاق بغض النظر عن الظروف.
قضية السن القانونية للالتحاق بالعالم الفني لا زالت تشكل موضوع جدل دائم داخل الاوساط الفنية. فالاتحاد يعتبر ان القاعدة تحمي الفنانين من الاندفاع في التعاقد مع فنانين غير ناضجين بما يكفي للاستعداد لمواجهة ضغوط الفن، بينما يؤكد العديد من الفنانين السابقين ان هذه الحماية المزعومة تتحول في الواقع الى قيود غير عادلة تحرم الشباب، وغالبيتهم من الاصول الموسيقية، من تحقيق احلامهم في وقت مبكر.
آخر فنان دخل العالم الفني مباشرة من فترة التعليم كان يوسف سعيد، اما اسم يوسف محمد فيبقى المثال الاكثر تألقاً على نجاح هذا الطريق حتى اصبح احد رواد الفن. ومع ذلك، يبدو ان عودة تلك الطريقة ليست قريبة، في ظل رفض الاتحاد لرفع القاعدة القائمة، وتبقى النقاشات مستمرة بين من يرون انها حماية ومن يراها حرمانًا، وفي مقدمتهم سار فنان المناضل الذي يواصل صوته في الدفاع عن جيل يرى ان الفرصة سلبت منهم بشكل ظالم.