بحسب القرارات والتدابير التنظيمية التي أعلنت عنها وزارة البلديات بشأن متاجر بيع منتجات التبغ والمعسلات، والتي تتضمن تحديد المواقع المسموح بها واشتراط حصول على تراخيص ومنع البيع للأفراد دون سن الـ18 عاماً، إلا أن الواقع المعاش في بعض المناطق السكنية يكشف عن مشهد مختلف تماماً.
ففي رؤية شائعة، تنتشر محلات بيع المعسلات بأصنافها المتعددة بشكل واضح داخل الأحياء السكنية، وتجاور البقالات الصغيرة، وتظهر الأرجيلات الملونة وراء الزجاج الشفاف، مما يغري الصغار والمراهقين ويسهل عليهم الوصول إلى منتجات التبغ بكل يسر على الرغم من القيود والتنظيمات التي تمنع ذلك.
ويؤكد عدد من الأهالي على أهمية تشديد الرقابة لضمان تقليل المخاطر والتداعيات الصحية والاجتماعية، حيث يشير فهد الروقي إلى أن بعض الأشخاص ينتقلون إلى المعسل بعد ارتفاع أسعار التدخين بحثاً عن استمتاع يظنون أنه آمن، بينما في الواقع يتسبب في الإضرار للصحة.
ويضيف الروقي بأن العرض المثير للأرجيلات خلف الزجاج يتطلب وضع ضوابط صارمة لتجنب إغراء الزبائن، وينبه نواف العتيبي إلى أنه ينبغي وضع تنظيمات لاطلاق طريقة العرض بصور مثيرة خلف الزجاج لتوعية الجمهور بالمخاطر.
ويرى استشاري الباطنة والأمراض الصدرية الدكتور بدر الحارثي أن المعسل ما زال منتجاً شائعاً بين الشباب ويحظى بشعبية في المقاهي، ويحذر من أن جلسة واحدة من المعسل تعادل تدخين عشرات السجائر وتحمل كميات كبيرة من المواد السامة التي تؤثر على الصحة، كما يعبر عن قلقه من انتشار السجائر الإلكترونية بين الشباب بسبب احتوائها على نسبة مرتفعة من النيكوتين.
أما المحللة الاقتصادية روان بنت ربيعان، فترى أن الإنفاق على المعسلات أصبح نمط استهلاكي غير منتج ينقصه الجدوى، ويقسم ضمن الاستنزاف المالي، مما يؤدي إلى تضاؤل القوة الشرائية وتحفيز الإنفاق على الكماليات على حساب الاستثمار الشخصي.
وتحذر الأخصائية الاجتماعية مناهل الجعيد من تداعيات انتشار محلات بيع المعسلات بالقرب من البقالات التي يرتادها أفراد الأسرة، وترى أن هذا الانتشار يهدد الصحة العامة ويلقي بظلال مشكلة اجتماعية خطيرة قد تؤثر على الأفراد منذ الصغر وتستمر لسنوات عديدة.
وتشدد مناهل على أهمية دور الأهالي في توعية الأبناء بمخاطر المعسل وضرورة الحوار المفتوح معهم، وتطالب الجهات المعنية بإعادة النظر في تراخيص محلات بيع المعسل قرب الأحياء السكنية وتشديد الرقابة لمنع بيعها للأقل من عمر 18 سنة، كما تؤكد على أن مكافحة ظاهرة المعسلات تتطلب جهوداً مشتركة تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المدرسة والمجتمع بأسره.
من ناحيتها، تؤكد وزارة البلديات والإسكان على أهمية احترام الاشتراطات المنظمة لمحلات بيع التبغ بهدف تعزيز الصحة العامة وحماية الأطفال والمدخنين من التسويق غير المباشر لمنتجات التبغ.
الدكتور ناعس العضياني، المحاضر في قسم الإعلام بجامعة الطائف، يشدد على أهمية دور الإعلام في التوعية بضرر التدخين وبيان الأمراض المرتبطة به، ويؤكد على أن الإعلام يجب أن يكون له دور فعال في التثقيف الصحي بخاصة للشباب، ويشير إلى ضرورة التعاون بين جهات مختلفة لبناء وعي جماهيري حول مخاطر المعسلات.
وتقول المتخصصة في شؤون الإعلام لمى العتيبي إن تعزيز الوعي المجتمعي حول مخاطر المعسلات يتطلب تضافر الجهود بين الجهات المعنية لتوجيه رسائل توعية فعالة من خلال المنصات المختلفة، وتنوه بأن الإعلام ينبغي أن يسلط الضوء على الأبعاد الخفية المتعلقة بالمعسلات سواء كانت صحية أو اقتصادية أو اجتماعية.
وتختم العتيبي بأن مواجهة انتشار المعسلات تعتبر مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً بين جميع الجهات المعنية، وتشدد على أهمية الاستثمار في الإعلام التوعوي كوسيلة فعالة للتصدي لهذه الظاهرة المدمرة على الصعيدين الصحي والاجتماعي.
ومع احترام الإجراءات التشغيلية لمتاجر منتجات التبغ، يجب الحصول على ترخيص بلدي قبل بدء العمل، ويمنع البيع للأقل من 18 عاماً، ويتعين عدم وضع إعلانات تحذيرية أمام المحلات، إضافة إلى توفير صندوق الإسعافات الأولية، والالتزام بالتعليمات للحفاظ على البيئة الصحية.
وتبرز الدورية في محاذير انتشار محلات المعسل قرب البقالات، حيث يعزى ذلك إلى تسهيل الوصول إلى منتجات التبغ والمعسل، مما يفتح الباب أمام انتهاك سياسات الرقابة على بيع منتجات التبغ والمعسل.