فشل البرامج الرياضية السعودية: المهنية المفقودة والتحول نحو الانفعال
الإعداد:
تعد الإعداد العمود الفقري لأي برنامج تلفزيوني، فهو يضمن جودة المحتوى ودقته وتوازنه. ومع ذلك، يُلاحظ أن معظم البرامج الرياضية السعودية تعاني من غياب البناء التحريري المتماسك، حيث يتم الاكتفاء بجمع موضوعات سطحية أو مجرد متابعة نتائج المباريات دون معالجة محتوى عميقة. هذا النقص يجعل البرنامج يتحول إلى حلقة حوارية بلا تحكيم ولا معايير تحريرية تضبط الخطاب.
هيمنة لغة الجماهير:
للأسف، تحوّل المعدون والمذيعون في البرامج الرياضية السعودية إلى صنّاع حديث المشجعين بدلاً من أن يكونوا مهنيين صحفيين. الخطاب العاطفي، والشعارات المتحمسة، والمصطلحات المألوفة في المدرجات انتقلت إلى الشاشة، فأدى ذلك إلى فقدان الثقة من المشاهدين في مهنية المحتوى الذي يُقدم لهم. بسبب هذا التحوّل، تحول الإعلامي من ناقل للحقيقة إلى طرف مشترك في الحوار الجماهيري.
تراجع الرأي الرصين:
لا تقوم البرامج الرياضية السعودية بدورها في صياغة رأي رياضي عام متوازن، بل أصبحت مجرد ساحة لصراع المشجعين، حيث يتم تغذية التعصب بدلاً من تفكيكه. غياب التوثيق بالأرقام، وضعف الاستعانة بالخبراء، وتجاهل منهجية البحث الصحفي الرصين جميعها عوامل جعلت هذه البرامج عاجزة عن تقديم إضافة فعّالة للمشاهد.
الحاجة إلى صحافة مهنية:
الحل الوحيد يكمن في العودة إلى التحرير الصحفي المهني الذي يعتمد على منهجية واضحة مثل جمع المعلومات من مصادر متنوعة، صياغة تقارير استقصائية عميقة، الاستعانة بالإحصاءات والوثائق، وتقديم محتوى يرفع وعي الجمهور بدلاً من استمالة مشاعرهم. فالرياضة ليست فقط منافسة في الميدان بل هي مشروع وطني للتنمية والوعي، ولا يمكن أن يُدار بخطاب جماهيري عفوي أو عاطفي.
باختصار، يعود فشل البرامج الرياضية السعودية إلى غياب التحرير الصحفي وتحول المعدين والمذيعين إلى سماعات للشارع بدلاً من صانعي محتوى مهنيين. ما يتطلبه الأمر هو عودة المهنية إلى استوديوهاتنا الرياضية لقيادة الرأي العام نحو وعي أعمق ورياضة أكثر ترفًّعً.