من حلقات الحرم إلى منصات القضاء والتربية.. علي معجل.. سيرة عطاء وبصمة خالدة

في إحدى القرى النائية ببني ظبيان في أعالي سراة الباحة، وُلد شاب واعد يدعى علي معجل بن سعد الغامدي، في عام 1340هـ. تجاوز علي تحدي اليتم بعد وفاة والده قبل عامين، حيث تولى أخوه الأكبر عثمان مسؤولية تربيته ورعايته. عندما وصل إلى سن الشباب، قرر علي ترك قريته بهدف البحث عن فرصة للرزق، وكانت تلك الرحلة هي بداية مسيرته الملهمة.
عندما وصل إلى مكة المكرمة، وجد علي نفسه محاطاً بحلقات العلماء، حيث تغذى عقله وروحه بالعلم والقرآن الكريم. قرر التحق بدار الحديث المكية ليستفيد من المعرفة القيمة هناك. بعد ذلك، انتقل علي إلى الطائف حيث انضم إلى "دار التوحيد"، وحصل على شهادة في الشريعة من كلية الشريعة بمكة المكرمة.
قرر علي استخدام العلم كسلاح للخير، وقرر الالتحاق بمجال القضاء. عمل كقاضي في مدينتي الطائف ومكة المكرمة، حيث اشتهر بخطاباته المؤثرة ووعظه القوي. بعد سنوات من الخدمة القضائية، قرر علي الانتقال إلى وزارة المعارف حيث قام بأدوار متنوعة تعززت بإسهاماته الفاعلة.
علي لم يكن مجرد قاضٍ ومسؤول تعليمي، بل كان أيضًا واعظاً معروفاً بصوته القوي وكلماته الواضحة. كان يلقي خطبه في المساجد ويلتزم بكتابة مقالات دينية تجيب على تساؤلات الناس. كان له دور بارز في تصحيح المفاهيم الخاطئة فيما يتعلق بالتوحيد.
رغم إشادة الناس بعلي وحسن سيرته، بقي متواضعاً وسخياً. كان بيته مفتوحاً للفقراء والمحتاجين، وكان يحرص على مساعدة الآخرين بكل طريقة ممكنة. بعد مسيرة حافلة بالعطاء والتأثير الإيجابي، ودع العلماء والقضاة والمحبين، انتقل علي إلى رحمة الله في السابع من ربيع الأول عام 1395هـ، تاركاً وراءه إرثًا عظيمًا من العلم والخير.
علي معجل بن سعد الغامدي، رمز للتحدي والإصرار، وقدوة للشباب الذين يسعون للتميز وبناء مستقبل أفضل.